التأثيرات الثقافية والعلمية الحفصية في البلاد التونسية
مناطق سيطرة الدولة الحفصية
التأثيرات الثقافية
اللباس الحفصي
وقد عرف أهل إفريقيّة لباس الأقمصة والسراويل والجبة منذ أمد بعيد، ولاسيما رجال القضاء
وعلماء الدين.
ومن خصائص الجبّة الحفصية أنها ثوب فضفاض ومستطيل يصنع من قماش ذي ألوان مختلفة
وهي في أغلب الأحيان من صوف خالص.
ومنذ اتساع نطاق العلاقات التجاريّة مع أوروبا بدأ استيراد نوع جديد من القماش
يعرف باسم "الملف" وصار مادة أساسيّة لصناعة الجبة.
وبهذا اللباس نفسه ظهر مبعوث سلطان تونس إلى نابولي سنة 1442 م
وبذلك الزي نفسه ظهر السلطان الحفصي ذاته مولاي الحسن بعد مائة سنة.
وفي تونس العاصمة كانت تزيّن الجبة بما يسمّى "الحرج"
وهو نوع من الزخرفة فيقال "جبة بالشمس" أو ب "البرج".
أمّا اللّباس المفضّل الذي يتم ارتداؤه فوق الجبة سواء لدى سكّان المدن او الريف
فهو البرنس وهو رداء مصنوع من القماش الخشن أو الرقيق وله ألوان مختلفة
تتراوح بين اللون الداكن إلى الأحمر الأرجواني.
ومن أنواع الاخرى للباس في العهد الحفصي لباس يطلق عليه اسم "المضبوط"
ويتركّب من قميص "سوريّة" من الكتان و"صدريّة" و"بدعية" و"منتان"
له كمّان مزينة بنوع من الأزرار تعرف ب "العقد"
وسروال فضفاض، يضيق تحت الركبتين، ويشدّ هذا السروال على الخصر بشريط يسمى
"تكّة" ثمّ بحزام اسمه "شملة".
كما تختلف ملابس الريف عن ملابس الحضر فنساء الريف أو البادية يلبسون في أيام الشتاء
جبة وقميص وخملة ومقنعة، وفراشهم اللحاف المحشو والكساء والملحفة
ويفرش على الأرض نطع وسبتية، وكذلك الحصير المصنوع من الحلفاء البرية .
وغالبا تغزل المرأة المشاق والكتان .ثم تنسج الملابس في بيوتهن
وتغزل الزوجة لزوجها ما يلبسه، ويطوف على القرى والبوادي باعة يحملون سلعهم
على خيول أو بغال أو حمير يبادلونها بمنتجات الريف من البيض والدجاج والصوف
الحياة الأدبية الحفصية
عرف المشهد الثقافي في دولة بني حفص ازدهارا كبيرا بفضل عناية سلاطين الدولة
بالثقافة والعلوم وعنايتهم بالأدباء والشعراء وإقامة المنشآت الثقافية كإنشاء مكتبة
أبي زكرياء الأولى التي ضمت 36 ألف كتاب.
وأصبحت تونس وجهة للشعراء والأدباء فازدهرت الفنون من خلال تعدد المجالس الشعرية والأدبية.
مساهمة الخلفاء الحفصيين أنفسهم في إثراء الحياة الثقافية بعاصمتهم
إنتاجا وحثا على الإنتاج بإغداقهم المنح وجلبهم الشعراء والأدباء
وتأسيسهم المكتبات وانتدابهم للكتابة في ديوان الإنشاء .
ومن أشهر أدباء العصر الحفصي لذكر لا للحصر البرزلي، ابن الناجي
و محمد بن محمد التونسي المعروف بابن القوبع، برهان الدين الصفاقسي.
حتى ان النساء في العهد الحفصي كانوا من صاحبات الأدب والشعر
وقد قل من نسائهم من لا يقول الشعر
ونذكر بيتين لشاعرة التي علمت ابو الحسن التجاني الأدب والشعر:
'' يقولون لي هذا حبيبك ما سمه
فما استطعت إفشاء وما أسطعت اكتم
قلت لهم كفوا الملام فنما
اوئله ميم وحرف مقدم ''
التأثيرات العلمية
كانت الدولة الحفصية في عصرها الذهبي تعد من حواضر العلم والإبداع
في مجالات الطب والجبر والهندسة وفنون العربية واللغة والتاريخ والترجمة
وعلوم الحديث والفقه والعلوم الدينية.
و كانت المنستير مركزا من مراكز التعليم بافريقية يقصده الطلبة
من بعيد للدرس والتعلم والتفقه في الدين على ايدي علماء المنستير
او العلماء الوافدين عليها من المرابطين او من المارين بها .
وقد تخرج ابو عبد الله بن عبد السلام بن يوسف بن كثير المنستيري الهواري
من مدرسة المنستير وأصبح قاضي الجماعة في جامع الزيتونة.
ولقد ساهم في تنشيط هاته الحركة العلمية قدوم الأندلسيين
فتميز المشهد العلمي في العاصمة الحفصية.
ولعل من أشهر علماء الأندلس في علم الجبر والحساب الشيخ علي القلصادي الغرناطي
الذي هاجر من الأندلس بعد الغزو الاسباني واستقر بمدينة باجة إلى حدود وفاته.
ومحمد بن أحمد بن عثمان الوانوغي التونسي الذي كان من أبرز علماء الجبر والمنطق.
ومن المجالات العملية التي نبغ فيها الحفصيين هي المجال الطبي
وذلك باستشراف تجربة الصقليين في هذا المجال وبفضل الهجرات العلماء
من الشام ومصر والمغرب الي تونس ومن أبرز اطباء العهد الحفصي
أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد الأموي المعروف بابن أندراس
الذي أشرف على علاج أمير المؤمنين المستنصر الحفصي.
- أحمد الطويلي - في الحضارة العربية التونسية - ص 39 - دار المعارف
- الريف في افريقية من خلال نوازل ابي القاسم البرزلي (841ه / م1438) دراسة جديدة في كتب النوازل - بقلم الدكتور عبد الرحمان بشير - مقال علمي نشر عن طريق دار العين قسم تاريخ شعبي في 11 فيفيري 2015